تمر العلاقة السياسية بين بعض القوى الصيداوية بمرحلة جديدة من "الخلاف"، بما يشبه "الحرب الباردة" أو بـ الواسطة"، على خلفية بعض القضايا التي تتعلق بالملف الفلسطيني في لبنان وكيفية معالجة الاوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة، لتطرح تساؤلات عن مصير "التهدئة" غير المعلنة بينها على الرغم من التوافق السابق لتجنيب المدينة تداعيات أي خلافات سياسية قد تنعكس على الامن والاستقرار فيها.
هذا "الخلاف" الجديد، غير المباشر، بين تيار "المستقبل" الذي تمثله النائب بهية الحريري و"التنظيم الشعبي الناصري بزعامة الدكتور اسامة سعد، بدا يطفو على "السطح" ويتم تداوله في الصالونات السياسية الصيداوية وأروقة المدينة وتصفه الاوساط الصيداوية بأنه "أحد أوجه التنافس الانتخابي وفق القانون الجديد الذي جعل مدينة صيدا وقضاء جزين دائرة انتخابية واحدة، وبالتالي فإن خوض غمار الاستحقاق هذه المرة يعتبر الاول كاختبار للقوى وحتى تحالفاتها.
رسالة وعتب
فقد أكدت مصادر صيداوية بارزة لـ"النشرة"، أن الامين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد أعرب عن استيائه من طريقة تعاطي بعض القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية في معالجة تداعيات الاحداث الامنية الاخيرة في مخيم عين الحلوة وهو بعث برسالة "عتب" شفهية الى مسؤولي حركة "فتح"، بمن فيهم سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور وأمين سر الساحة فتحي ابو العردات، تزامنا مع رفضه تحديد موعد للقاء اعضاء "لجنة متابعة ملف المطلوبين في عين الحلوة" برئاسة أمين سر اقليم حركة "فتح" في لبنان حسين فياض، التي جالت على القوى السياسية والروحية والامنية في مدينة صيدا لوضعها في خطتها لمعالجة قضية المطلوبين الشائكة والمعقدة.
عتب سعد على حركة "فتح" وفق ذات المصادر، هو "أشبه برسالة الى تيار المستقبل" وسببه قيام المشرف العام على الساحة اللبنانية عضو اللجنة المركزية عزام الاحمد برفقة السفير دبور وأبو العردات، بزيارة النائب بهية الحريري في مجدليون (كان الوفد قد التقى الحريري في مكتبها في بيروت صباح 25 آب 2017) والمشاركة في "اللقاء التشاوري" الذي انبثق عنه الاتفاق اللبناني الفلسطيني على تشكيل اللجان الثلاثة، اعتبرت مسارات متعددة لتحصين الامن والاستقرار في مخيم عين الحلوة وقد جرى تشكيلها لاحقا عقب اجتماع عقد في سفارة دولة فلسطين في 28 آب 2017، حيث اطلق عليها ترجمة لـ"وثيقة مجدليون" واجتماع سفارة دولة فلسطين وهي، غرفة عمليات مركزية لمتابعة الاحداث الطارئة والتطورات برئاسة اللواء
ابو عرب، لجنة مركزية مختصة لمتابعة ملف المطلوبين للدولة اللبنانية برئاسة امين سر اقليم لبنان لحركة "فتح" حسين فياض ولجنة من الفصائل الفلسطينية في منطقة صيدا للتنسيق والتواصل اليومي مع الاجهزة اللبنانية برئاسة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" في لبنان العميد ماهر شبايطة، دون ان يتم زيارته او التشاور معه او على الاقل إبلاغه بالمقررات التي اطلع عليها من وسائل الاعلام.
واوضحت المصادر، أن سعد أبلغ رفضه القاطع ان يكون "على الهامش" مما يجري في الملف الفلسطيني سيما وان "التنظيم الناصري" الذي ناصر ودافع عن القضية الفلسطينية وعن مخيم عين الحلوة دفع ضريبة غالية من التضحيات، وانه ليس في حالة تنافس مع احد سواء على المستوى اللبناني او الفلسطيني ذاته"، مشيرة انه على الرغم من هذا "العتب"، فان من المستبعد ان يجري تعطيل عمل أي من اللجان المشتركة الثلاثة، لان قناعته هي تحقيق مصلحة القضية الفلسطينية وأمن واستقرار المخيم.
دور وقناعة
بالمقابل، تؤكد مصادر أخرى، ان النائب الحريري لعبت دورا محوريا في ثني حركة "فتح" عن حل "القوة المشتركة" الفلسطينية في المخيم برئاسة العقيد بسام السعد، والحفاظ على العمل في "الاطر المشتركة" الفلسطينية ، في اعقاب الاشتباكات الاخيرة التي حصلت في عين الحلوة، وهو ما عبر عنه بوضوح الاحمد وعلى مسمع من ممثلي كافة القوى الفلسطينية وبعض القوى اللبنانية الروحية والسياسية والامنية، قبل ان تتبلور صورة المصالحة الثنائية بين حركتي "فتح" و"حماس" مؤخرا وتنعكس ايجابا على روحية التعاون بينهما، والذي ظهر جليا في تطويق ذيول الاشكال المسلح الذي حصل في مخيم المية ومية بين عناصر الحركتين وجرى تطويقه سريعا دون أي اصابات.
في قناعة القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، ان الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية اللبنانية ومنها الصيداوية هو دعم للقضية الفلسطينية وهي تحرص عند أي حدث على التشاور مع قوى صيدا كافة، وتلتقي مسؤوليها لتضعهم في اجواء ما يجري والاخذ بنصائحهم، ترجمة للتوافق الداخلي في عدم الانحياز الى طرف ضد آخر او الحيادية الايجابية.
حريق وازمة
الى جانب هذا، شكل الحريق الذي اندلع في قمة وسفح جبل العوادم وراء معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة عند مدخل صيدا، فرصة جديدة للدكتور سعد للهجوم على البلدية، بالقول "صفقة جديدة بين بلدية صيدا ومعمل النفايات... إنشاء مطمر لدفن نفاياتهم وفشلهـم معاً! بينما رأى الدكتور عبد الرحمن
البزري "ان الحريق في جبل النفايات الجديد في صيدا يُذكرنا بالأزمات البيئية التي عانت منها المدينة طوال عدة عقودٍ من الزمن"، فيما التزمت البلدية الصمت، وكذلك تيار "المستقبل".
وقد ذكرت مصادر صيداوية لـ"النشرة"، ان النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، استدعى القيمين على ادارة المعمل الى مكتبه في قصر العدل في صيدا واستمع منهم على اسباب الحريق واشتعال النيران في النفايات لمعرفة ما اذا كان عرضيا او مفتعلا؟ وكلف خبير حرائق للتاكد مما اذا كان الحريق مفتعلا أم اشتعل من تلقاء نفسه، خاصة انها ليست المرة الاولى التي تشتعل النيران في النفايات وعوادمها التي كانت تتراكم ضمن باحات المعمل سابقا.